السبت، 12 يناير 2013

الإقلاع الحضاري



الإقلاع الحضاري :

من المميزات الكبيرة لعصر التابعين وتابعي التابعين :

ـــ الخروج من حقبة التأسيس ووحدة التصور إلى حقبة التنوع حتى التضاد

ـــ الإنتقال من الخلافة الراشدة إلى الملك العاض

ـــ توظيف الإسلام سياسيا من جل الفرق الإسلامية

ـــ ظهور الربانيين الزاهدين الممهدين انطلاقا من الصحابة لكل مدارس الزهد

ـــ تعميق الإضطهاد لآل البيت الذي كهرب وحدة البناء التابعي

وهكذا نلمس هنا تيارين كبيرين :

ـــ تيار يساند الأمويين لوعيه الدنيوي وبعده في الرؤيا السياسية عالميا

ـــ تيار لم يستصغ تهميش آل البيت ليتخد موقف المعارضة منذ هذا الأساس

ليبقى جمهور المسلمين يميل بين هذا وذاك، مما جعل التميز يظهر جليا في هذا العصر بين :

ـــ الشره المادي والإهتمام الكبير بالصراع الخارجي وإتمام الفتوحات

ـــ الزهد والإهتمام الكبير بالحفاظ على روحانية الأمة

وهكذا انشطر المسلمون منذ هذا العصر إلى :

ـــ فرق متفتحة على كل المعارف الحضارية

ـــ فرق منغلقة على الفهم الصحابي ثم المصلحين والربانيين البارزين في هذا العصر بزهدهم وانقطاعهم للعبادة

وهذا التنوع هوالذي حافظ على الإسلام كاملا بشطريه :

ـــ شطره الروحي المتمثل في فقه العلماء والزهاد

ـــ شطره المادي المتمثل في الوعي السياسي الأموي ثم العباسي، انطلاقا من قوله صلى الله عليه وسلم : » أنتم أدرى بأمور دنياكم »..

وليتفتح منذ العصر الأول المسلمون على كل الثقافات المعاصرة ، بكل حفاظ على الأصالة المتأصلة منذ عهد الصحابة رضوان الله عليهم ..

ورغم تصادم بعض الفرق فيمابينها في هاته المرحلة،فإن الدهاء السياسي للأمويين والعباسيين كان كافيا لإيجاد كل ظروف الإقلاع الحضاري للأمة...ليتسالم بعد ذلك المسلمون فيما بينهم كأمة رغم الخلاف الذي كانت تهيج أمواجه أحيانا لحد الإنقلاب على الأسر الحاكمة..

وهاته بإيجاز هي أهم السمات التي طبعت عصر الإقلاع نحو بناء الحضارة الإسلامية لحد تصدرها للثقافة العالمية وتصديرها للعديد من العلوم التي يعترف العديد من نزهاء الباحثين العجم بدور العرب التأسيسي الرائد فيها.

وهنا نلاحظ الفرق البين بين عصر التأصيل الحضاري الذي رسخه الصحابة رضي الله عنهم بعبقرية الخلفاء ، وبين عصر الإقلاع الذي ساهم فيه التابعون وتابعي التابعين وتابعيهم بدهاء سياسي بارز للأمويين ثم العباسيين فالعثمانيين،الذين ركزوا جميعا كل التميز الحضاري لنا كمسلمين.

وهكذا نلمس أن الأمة لحد الآن حافظت على مرجعيتها الإسلامية أي أصوليتها بكل معاصرة ..كما أن الدور الذي لعبه المائلين للحفاظ على الأصالة كان منسجما في عمقه مع الدور الذي لعبه المتفتحين على ثقافة العالم لحد الإبتكارات العلمية بل وتجاوز العديد من الإجتهادات العلمية للعجم..وبهاتين اليدين :

ـــ يد التأصيل المؤسسة

ـــ ويد العصرنة المتفتحة والبانية

انبنت بكل علمية حضارة الأمة، لتشع أنوارها على كل العالم حتى العصر الوسيط، حيث وصلت حضارتنا للأوج والغرب يعيش عصر الظلمات، ليوظف الغربيون بعدها كل علومنا بتلمذة كاملة علينا، ويبنون حضارتهم معتمدين على :

ـــ كل العلوم الإسلامية وفهم المسلمين التجديدي للحضارة والفلسفات اليونانية

ـــ الإرتباط المباشر بثقافة اليونان والحضارات السالفة

لكن الغرب لحد الآن ينكر دورنا الحضاري في بناء حضارته الخاصة ثم مساهمتنا حضاريا في التأسيس لكل الحضارة الإنسانية القائمة لحد الآن .

وهكذا يبرز هنا إقلاعين حضاريين

ــ الإقلاع التابعي نحو بناء الحضارة الإسلامية بأساس عصر النبوة ثم الخلفاء

ــ الإقلاع العربي نحو بناء الحضارة القائمة بأساس وعينا الإسلامي الذي لازلنا نساهم به في الحضارة الإنسانية لحد التفكير اليوم في تطبيبها بأصوليتنا الحضارية المعاصرة رغم أنها لازالت في جنينيتها ورغم العديد من نقائصها بسبب الأزمة الحالية للأمة العربية كقلب للأمة الإسلامية..

وهكذا يتبين مدى تعانق الأصالة والمعاصرة والتطور في حضارة أمتنا، مما يعني التقدمية على ثوابت عديدة إن أردنا إقلاعا ثانيا من أزمتنا الحضارية الحالية
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق