السبت، 12 يناير 2013

عقدة التأصيل والعصرنة


عقدة التأصيل والعصرنة :

وإن الدليل الأكبر على أصالة ومعاصرة المسلمين طوال تا ريخهم : الوجود الدائم لتيارت متعددة منها المعتدلة، ومنها المائلة بكل تصلب على التأصيل كما أن هناك المائلة منها للعصرنة أكثر ..وبين طرفي الأصالة القحة والمعاصرة هناك تيارات إسلامية عديدة منها من يتكهن للعديد من أسس الأصالة الإسلامية لكنه يرفض أن لا ينعت بغير المسلم : كما شأن العديد من العلمانيين الذين يرون بأنهم يدافعون عن مبادئ أحزابهم بتناسق كبير مع العديد من المبادئ التي ينادي بها كل الإسلاميين ..

وقوة الإسلاميين الصلبة والتي كثرت سوادهم هو نداؤهم : »بتحكيم الشريعة حكما والرجوع للسنة معاملة » لكن هذا الشعار ورغم وضوحه فإن العديد من الإسلاميين تصلبوا على الشكل دون الجوهر، مما جعل العديد من العلمانيين لايعارض هذا المبدأ المكفر لكل كافر به..لكنهم يعارضون فهم العديد من الإسلاميين للشورى نفسها كحكم بما أنزل الله ، كما يعارضون فرضية السنة النبوية بمعنى أنها فرض على كل مسلم، مفرقين بين المحجة البيضاء التي تعني الطريق المستقيم في حديث الرسول صلوات الله وسلامه عليه : » تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لايزيغ عنها إلا هالك » وبين السنة النبوية التي أمر الرسول بها صلى الله عليه وسلم بقوله أصحابه : » عليكم بسنتي وسنة الخلقاء الراشدين الهادين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجد » فرأى البعض أن كل من رفض الحياة المعاصرة وعاد للباس الجزيرة العربية زمن البعثة وأرخى لحيته هو السني حقا، لحد قول بعض هؤلاء الشكليين في فهمهم : »الجهاد السني هو الجهاد بالسيف » وهؤلاء يظن البعض أنهم أصوليوا المسلمين في حين أن الأصالة الإسلامية قلب وقالب ولب وشكل..والأصيل جوهرا أكثر أصالة من الأصيل شكلا ..لحد أن بعض المسلمين في عهد عمر رضي الله عنه جاؤوا من قريتهم لعمر ليقول له أحدهم : » لقد رأينا أن الإسلام في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كان كاملا لينقص قليلا في عهد أبي بكر رضي الله عنه ولينقص أكثر في عهدك » فإذا بعمر يثور غضبا ولم يرضخ رغم نبل النصيحة ليجيبه : »وأنت أتطبق الإسلام كاملا ؟ » فإذا بالرجل يجيب بالنفي ليقول عمر رضي الله عنه : » أنت لم تستطع تطبيق كل الإسلام حتى على يديك ورجليك فكيف بي أنا على أمة بأكملها؟ » وهكذا نرى أن عمر كما تمثل كل اجتهاداته ـ ومعظم الصحابة ـ تشبتوا أكثر بجواهر الأمور لا قشورها، رغم أن الشكل مكمل إذا اكتمل الجوهر : أما الشكل دون لب فهو النفاق عينه وهو التمظهر الفتاك الذي تفشى بيننا لحد تكبر العديد منا بلحيته والتفاخر بطولها بين بعض الإسلاميين ،وهاته ليست بالأصألة الإسلامية التي نعني..

فالمسلم الأصيل هو من التزم بكل الفرائض وبكل أخلاق الإ سلام أولا لأنها من جواهر الإسلام وغاياته كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم « بعثت لأتمم مكارم الأخلاق » وقوله : »إنما الدين المعاملة « وهاته سنن مفروضة بسببها يأثم المسلم، ورغم ذلك نجد العديد منا ذو أخلاق جافة ويتكبر بتدينه على إخوانه مدعيا الطهارة الكاملة ونجاسة كل من لم يوفقه الله للتوبة من كل هفواته..ويظن أنه الأصيل حقا في الوقت التي نجد مكارم الأخلاق تصان بين جلساء المقاهى أكثر من صيانتها حتى داخل المساجد. وهاته إشكالية كبيرة بين العديد ممن يدعي الأصالة من البعداء على أخلاقها..فللأصالة أخلاق لازمة تبرهن على التربية الأصيلة ..كما ان للمعاصرة ثقافة تعبر على الوعي بالعصر ..لهذا فإنا لن نرقى بمعاصرتنا عن تربية الأصل والصحابة والتابعين لكن من الممكن أن نرقى ثقافة لأن العلوم اليوم أصبحت كالماء الجاري..والفكر الإنساني عمق حتى تفاسيرنا وفهمنا للعديد من الآيات القرآنية الكريمة ولهذا فإن التربية الأصيلة جوهر ضروري تماما كالثقافة المعاصرة لأن الفكر الإسلامي اليوم أصبح متعانقا مع كل الفكر الإنساني..وظهرت مواضيع قرآنية جد هامة لم يولوها الصحابة أنفسهم نفس الإهتمام بل ولم يفهموها بعمق اليوم : كما كل الآيات العلمية بالقرآن الكريم..وهاته هي الثقافة الإسلامية المرجوة والتي لن تكمل إلا باهتمام الإسلاميين أكثر بالفكر الإسلامي لتعميق الفهم والرقي بالوعي نحو أعلى المستويات :أما التربية التي تربينا عليها داخل كواليس بعض الحركات الإسلامية فهي والله الطامة والقتل لكل أصالة ولكل معاصرة بضربة واحدة :فالدروس التي يتعلمها التلميذ في الإبتدائي نجد العديد من الحركات تصب عليها كل اهتمامها دون تفريق بين من حقا تلزمه مثل هاته الدروس وغيره ، فترى العديد من الأميين والتائبون الجدد الذين لم تكن لهم أية علاقة فكرية بالإسلام يتعلمون حقا العديد مما جهلوا من قبل..لينفر العديد ممن التزموا بالدين منذ صباهم من هاته الجماعات لأسباب عديدة أهمها :

ــ عدم الإستفادة من المواعظ وضعف مستواها وتطاول العديد عليها

ــ تضايق المسؤولين داخل الجماعات من تساؤلات هؤلاء لأطماع منصبية

ــ عدم وجود الإطار الإسلامي الحق الذي يحتضن نضجهم الفكري على الأقل داخل هاته الجماعات

ــ كثرة المتفيقهين داخل هاته الجماعات الذين لهم عقدة خفية بقلة العلم :فتراهم وقد حفظوا بعض الأحاديث والآيات يرون أنهم الأجدر برئاسة الخلايا مثلا والأجدر بالإمامة والتعليم والفتوى....

ــ الإنغلاق التام على الفقه بدروسه البسيطة والأولية

ــ إلغاء كتب الفكر الإسلامي للعديد من مفكرينا وكل من دون زعماء الجماعة

مما جعلني شخصيا أجزم بأن إسلام ونضج العديد من المسلمين أكبر من نضج أكثرنا كإسلاميين ، رغم أننانرى بأن الناس يروننا الأفقه لالتزام بعضنا بالشكل..ومعظم المسلمين الذين لم تكسر نفسياتهم مثل هاته الهفوات التربوية نجدهم يظهرون بمظهرأرقى وفكر حضاري جد متوازن..في الوقت الذي نعاني كإسلاميين العديد من العقد الفكرية والنفسية التي تحتاج حقا لحكماء ومناهج كاملة وبميزانيات عليا ومؤسسات لكي نعالجها..فتربية جيل باسم المقدس من أجل بديل لأمة ليس بالأمر الهين ..وجيل القدوة لن تربيه الجماعات وحدها مهما رقت برامجها لأن البديل منهاج حياة إنسانية بأكملها وهذا أكبر من أن تحققه مواقف سياسية مهما أوتيت من سلطة ،إذا لم يوافق ذلك فهم عميق لغايات الإسلام وجواهره حتى لانضيع أصالتنا.. ووعي كبير بالفكر العالمي حتى لانضيع معاصرتنا..أما الرؤى الأحادية ومناداة العديد من علماءنا الإسلاميين لاجتهاداتهم لحد بناء جماعات على منوالها استعداد لقومة أو تغيير هيكلي او حتى نسبي، فهذا وإن كانت له بعض الإيجابيات التربوية على بعضنا فإنه لن يحقق بديل الأمة والذي لن ينجح إلا إذا وعته الأمة وبرزت نتائجه عالميا، خصوصا وأن الإسلام اليوم قضية جوهرية في الأخبار العالمية والتي للأسف تعمق كل ما يريد اليهود إلصاقه بالإسلام من افتراءات..في الوقت الذي لم نرقى فيه كإسلاميين لمستوى الدهاء الذي يحاربنا به كل العالم مباشرة وغير مباشرة ..وهذا ليس بالأمر الهين والأمر يحتاج إلى عقود إن لم نقل قرونا حتى نقدم بديلنا الإسلامي بكماله وبتكامل مع المتصارعين حتى باسمه لحد كفر بعضنا بالأصالة و نفي بعضنا للمعاصرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق